دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -اليوم الاثنين- قادة دول العالم إلى التصديق على معاهدة لحماية المحيطات تسمح بإقامة محميات بحرية، في المياه الدولية، من الصيد الجائر والتلوث البلاستيكي وارتفاع درجة حرارة مياه البحار التي تهدد النظم البيئية الحساسة والأشخاص الذين يعتمدون عليها.
وقال غوتيريش -خلال كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر الأممي الثالث للمحيطات في مدينة نيس الفرنسية إن “المحيطات أكبر مورد مشترك، لكننا مقصرون تجاهها” مشيرا إلى انهيار المخزون السمكي وارتفاع منسوب مياه البحار وزيادة حموضة مياه المحيطات.
وقد بدأت فعاليات المؤتمر في المدينة الساحلية الفرنسية بحضور ما لا يقل عن 100 وفد من مختلف دول العالم، من بينهم نحو 50 رئيس دولة أو حكومة، وآلاف المندوبين والعلماء وممثلي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وجميع الجهات المعنية بالحفاظ على المحيطات.
وحذر غوتيريش -في كلمته الافتتاحية- من أن الصيد غير المشروع والتلوث البلاستيكي وارتفاع درجات حرارة البحر تهدد النظم البيئية الحساسة والأشخاص الذين يعتمدون عليها.
وتمثل المحيطات حاجزا أساسيا ومهما أمام تغير المناخ، لكن حين تصبح مياهها أكثر سخونة بسبب ارتفاع درجة الحرارة تُدمر النظم البيئية البحرية وتهدد قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
وتنتج المحيطات نحو 50% من الأكسجين، وتمتص حوالي 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتلتقط أكثر من 90% من الحرارة الزائدة الناجمة عن تلك الانبعاثات.

المحيطات في أزمة
ويحذر العلماء من أن فقدان النظم البيئية، وتغير المناخ، والتلوث البلاستيكي، والإفراط في استخدام الموارد البحرية، كلها عوامل تدفع محيطاتنا إلى نقطة اللا عودة.
وقال غوتيريش “هذه أعراض نظام في أزمة، وتؤدي إلى بعضها البعض، تفكيك سلاسل الغذاء وتدمير سبل العيش وزيادة انعدام الأمن”.
وتسمح معاهدة أعالي البحار -التي اعتُمدت عام 2023- للدول بإنشاء محميات بحرية في المياه الدولية التي تغطي ما يقرب من ثلثي المحيطات، وهي غير منظمة إلى حد كبير.
ولن تدخل المعاهدة حيز التنفيذ إلا بعد تصديق 60 دولة عليها. وتوقع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن يتم ذلك قبل نهاية العام، ولا تتم حماية إلا نحو 1% فقط من المياه الدولية المعروفة باسم “أعالي البحار” حاليا.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المشارك في استضافة المؤتمر مع -كوستاريكا- للوفود إن 50 دولة صادقت على المعاهدة ووعدت 15 دولة أخرى بذلك.
ويأتي تحرك الدول لتحويل وعود على مدى سنوات إلى حماية حقيقية للمحيطات في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة بتمويلها من مشروعات المناخ، كما تخفف بعض الدول الأوروبية التزاماتها المتعلقة بالسياسة الخضراء في إطار سعيها لدعم اقتصاداتها الضعيفة وصد التيارات اليمينية المتطرفة.
وتشهد قمة المحيطات في نيس مقاطعة الولايات المتحدة. وأكدت ريبيكا هوبارد، مديرة “تحالف أعالي البحار” أن واشنطن لم تصادق على المعاهدة بعد، ولن تفعل ذلك خلال المؤتمر.
وقالت هوبارد “إذا لم يُصدّقوا، فلن يكونوا مُلزمين به. سيستغرق التنفيذ سنوات، لكن من الضروري أن نبدأ الآن، ولن ندع غياب الولايات المتحدة يمنعنا من ذلك”.
وكان ماكرون قد قال للصحفيين أمس تعقيبا على مقاطعة واشنطن للمؤتمر “ليس الأمر مفاجئا، فنحن نعرف موقف الإدارة الأميركية بشأن هذه القضايا”. ومن جهته قال الأمير البريطاني وليام إن حماية محيطات الكوكب تشكل تحديا “لم نواجهه من قبل”.
كما اعتبر خبراء المحيطات هذا المؤتمرَ فرصة لحشد الاستثمارات لصالح اقتصاد المحيطات الذي واجه منذ فترة طويلة صعوبة في جذب التزامات تمويلية كبيرة.
ففي اجتماع استمر يومين للمصرفيين والمستثمرين في موناكو خلال عطلة نهاية الأسبوع، تعهد المتبرعون والمستثمرون من القطاع الخاص والبنوك العامة بتخصيص 8.7 مليار ات يورو (نحو 10 مليارات دولار) على مدى 5 سنوات لدعم الاقتصاد الأزرق المتجدد والمستدام.
وذكرت الأمم المتحدة أن الاستثمارات في صحة المحيطات بلغت 10 مليارات دولار فقط في الفترة من عام 2015 إلى 2019، وهو أقل بكثير من 175 مليار دولار المطلوبة سنويا.
ولمعالجة هذه الفجوة، قالت الأمم المتحدة أمس إنها بدأت العمل على تصميم مرفق تمويل جديد، من المقرر إطلاقه عام 2028 بهدف تحرير مليارات الدولارات لاستعادة صحة المحيطات من خلال تعبئة مصادر جديدة ومتنوعة من رأس المال.
ويستهدف المؤتمر -الذي يختتم يوم 13 يونيو/حزيران- الحشد الدولي لحماية المحيطات وتنفيذ الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية، واستخدامها على نحو مستدام.
Source link
2025-06-09 15:43:00